هل يصبح العربُ مستقبلَ العالم في الطاقة الشمسية؟
هل يصبح العربُ مستقبلَ العالم في الطاقة الشمسية؟
في الوقت الذي تتغير فيه خارطة الطاقة العالمية تباعًا للحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، تتوجه دول كثيرة إلى تصدر المشهد وتعزيز قدراتها الاقتصادية من خلال إنتاج نوع جديد نوع من الطاقة، لا تفنى ولا تُستحدث من العدم ويمكن تحويلها من صورة إلى أخرى وهي الطاقة الشمسية الجديدة والمتجددة.
أمر من شأنه قلب موازين خريطة الطاقة الدولية التي تتحكم فيها "موسكو"، على اعتبار أنها المصدر الأكبر للغاز لأوروبا على سبيل المثال بنسبة تزيد على 40%، ولكن هل يستطيع العرب أن يكونوا مستقبل العالم في الطاقة الشمسية، على اعتبار أنهم دول ساطعة الشمس طوال العام؟
في تقرير لمنظمة بحثية نُشرت نتائجه الأسبوع الماضي ستحقق مشروعات محطات توليد الطاقة المتجددة بالدول العربية عند اكتمالها ما يقرب من 92% من إجمالي ما تستهدف المنطقة تحقيقه بحلول 2030.
ويبلغ إجمالي إنتاج المنطقة العربية من طاقة الرياح والطاقة الشمسية حاليا أكثر من 12 غيغاوات، وأعلنت جامعة الدول العربية في 2013 عن مبادرة للطاقة النظيفة تستهدف زيادة قدرة المنطقة من الطاقة المتجددة بمختلف أنواعها إلى 80 غيغاوات بحلول 2030.
وأشار تقرير غلوبال إنرجي مونيتور، وهي منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة في أنحاء العالم، إلى أن الدول العربية تعمل على تشييد محطات للطاقة الشمسية وطاقة الرياح بسعة إنتاجية تبلغ في المجمل 73.4 غيغاوات، وهو ما ينطوي على زيادة في الإنتاج الحالي للمنطقة من الطاقة المتجددة بنحو 5 أمثال.
وتتسابق أربع دول عربية في إنتاج الطاقة الشمسية، هي: مصر والسعودية والإمارات والمغرب.
وفقًا لتصريحات إعلامية لوزير الطاقة المصري، محمد شاكر، فإن مصر تستهدف أن تسهم مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 42% من إجمالي القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء في البلاد بحلول 2035، من بينها 22% من الخلايا الشمسية، و14% من طاقة الرياح، و4% من المركزات الشمسية و2% من الطاقة المائية.
وأكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، أن إجمالي نسبة مشاركة الطاقات المتجددة من القدرة الإجمالية للشبكة القومية للكهرباء ستصل بنهاية العام الجاري إلى 20%، والتي كان من المخطط الوصول لها بحلول عام 2022.
كذلك نجحت الإمارات في رفع قدرة توليد الطاقة المتجددة لديها بنسبة تزيد على 32% خلال عام 2020، على الرغم من جائحة (كوفيد-19)، وأعلنت الدولة بناء محطة الظفرة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، والتي تصفها البوابة الرسمية لحكومة الإمارات بأنها أكبر محطة لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم، بقدرة تصل إلى 2 غيغاواط من الكهرباء في منطقة الظفرة.

العرب مستقبل العالم
قال أستاذ الاقتصاد وعميد كلية التجارة بجامعة الأزهر، محمد يونس: "إن استخدام العالم للطاقة التقليدية؛ (الفحم والبترول) على مدار عدة عقود مضت، شيء من السفه والجنون لأن أعلى سعر للبرميل الخام وصل إلى 150 دولاراً، في الوقت الذي أثبت البحث العلمي الحديث أن استخدام برميل واحد من النفط في صناعة المشتقات والبتروكيماويات قد يصل بسعر البرميل الواحد إلى 11 و12 ألف دولار، وأن استخدام الفحم والبترول ترتب عليه انبعاث الغازات الدفينة مما أدت إلى زيادة الاحتباس الحراري محدثة ثقب الأوزون، كذلك أدت إلى ذوبان جبال من الجليد في القطب الشمالي ما يتسبب في زيادة وارتفاع منسوب المياه في بلدان عدة منها المعمورة وطمس العديد من المدن الساحلية، فاعتماد البشرية على النفط والفحم كمصادر للطاقة ترتب عليه آثار جسيمة أضرت بصحة الإنسان والنبات والحيوان وخصوبة التربة وعذوبة المياه الجوفية".
(11).jpg)
وأضاف: "ما سبق دفع مراكز البحث العلمي التوجه إلى البحث عن مصادر جديدة ومتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمد والجزر والنووية، في مصر والعالم العربي لديهم سطوع شمسي قوي لا يتوفر في دول العالم، بل إن مصر لديها أعلى نسبة وستكون خلال سنوات مركزًا إقليميًا ودوليًا على مستوى العالم، وستكون مصر والعالم العربي قبلة للطاقة المتجددة، كما يفعل الآن مع أوكرانيا وروسيا، التي يعتمد عليها الغرب وهم الآن في خطر بعد خفض الدب الروسي إمدادات الغاز، كما أن الفحم والبترول طاقة غير متجددة، بينما الطاقة الشمسية جديدة لم تستعمل من قبل ومتجددة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها".
وتابع: "هذه الطاقة لكي تنقذ أوروبا مما تواجهه الآن تحتاج إلى بحوث ورصيد من الاستثمارات لإنتاجها، بخلاف مصر التي لديها أكبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بأسوان تعمل بالفعل، وعلى الرغم من أن السودان لديها سطوع شمسي كبير، إلا أن الطاقة المولدة من مصر لها مزايا تفوق الطاقة الشمسية المولدة من السودان".
الدول الأكثر إنتاجًا للطاقة الشمسية
على مدار عقود قادت الصين قطاع الطاقة الشمسية العالمي، ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة، أقامت الصين مشروعات جديدة للطاقة الشمسية بلغت قدرتها نحو 40 جيجاواط في 2016، وبذلك يبلغ إجمالي إنتاج الصين من الطاقة الشمسية 78 جيجاواط في نهاية العام.
وأقامت الصين مشروعات جديدة في الأشهر السبعة الأولى من 2017، بلغت قدرتها الإنتاجية من الطاقة الشمسية 35 جيجاواط، ورغم ارتفاع القدرة الإنتاجية للطاقة الشمسية في الصين، فإنها لا تشكل سوى نحو 1% من إجمالي الطلب على الطاقة.
ولا يزال الفحم يشكل 66% من الطلب على الطاقة.

وتخطط إدارة الطاقة الوطنية الصينية لأن توفر الطاقة المتجددة 86% من احتياجات البلاد من الطاقة، بحيث تمثل الطاقة الشمسية نحو ثلث هذه النسبة بحلول 2050.
ووفقًا للمصدر نفسه، جاءت اليابان في المركز الثاني، إلا أنه من المتوقع ألّا تحتفظ بهذا المركز لفترة طويلة بسبب العدد المحدود لمرافق الطاقة الشمسية بها.
انخفض عدد مرافق الطاقة الشمسية في اليابان بنسبة 20% خلال 2016، في 2017، قامت ألمانيا بإنشاء مرافق جديدة للطاقة الشمسية بلغت قدرتها الإنتاجية 1.5 جيجاواط فحسب، لكنها رغم ذلك تأتي في المركز الثالث.
تأتي الولايات المتحدة في المركز الرابع، ومن المتوقع أن تزيد الدولة قدرتها الإنتاجية التراكمية لتبلغ نحو 85 جيجاواط بنهاية 2020.